ألحان خالدة للأخوين الكويتي‮ ‬تذهل العرب‮ ‬- فنون – رياض المحمداوي

عرابا الأغنية العراقية ومؤسساها تاريخ وحقائق

ألحان خالدة للأخوين الكويتي تذهل العرب – فنون – رياض المحمداوي

الحقيقة لاتموت مهما حاولنا اخفاءها. اليوم اسرد ماخبأه التاريخ من حقيقة مخفية لسنين طوال ولعدة اسباب. منها سياسية وطائفية بغيضة وحكومات واشخاص تناست ان للتاريخ الف لسان ان سكت اليوم فلن يسكت غدآ ، لااحد يستطيع ان يخرس التاريخ ففيه حقيقة ورقيب يسجل جميع الاحداث بكل تفاصيلها.ولايستطيع احد انكارها فهي حقائق حدثت في يوم ما.

فماحدث في بلدنا العراق الكثير الكثير من احداث ووقائع حاول البعض اخفاءها الا انها لابد لها ان ترى النور ثانيةَ والتي تروي عبر حكايات شعب عظيم بتاريخه العريق بثقافاته واطيافه واديانه وقومياته.

واليوم اخبركم عن حكاية ابطالها من هذا البلد ومن القومية العربية وتحديدآ من الطائفة اليهودية العراقية.أبطال هذه الحكاية اخوان عراقيين صنعا مجدآ فنيآ كبيرآ اصبح ارثآ عظيمآ اضاف لتاريخنا الثقافي والفني والموسيقى الحضاري الحديث.ماهو يعجز عنه الواقع الحالي فاصبح هذا المجد حلة زاهية التصقت تسميتها بنا جميعآ واضافت لتراثنا اللوان الطيف والتي لم تنتم  لدين اومذهب اوطائفة بل فقط كانت واصبحت تحمل اسمنا واسم بيتنا الكبير العراق العظيم فالطائفية شبح بغيض يبتز الشعوب ويهدم ماشيدته السواعد من حضارات وشواهد ترمز لوحدة ورقي ابنائه.

اليوم نستذكر حياة فنانين عراقيين كبيرين كان لهما الفضل الكبير في تاسيس الاغنية العراقية وخصوصا وماوصلت اليه اليوم من انجازات.اضافا لثقافاتنا رونقآ وخصوصية نفخر بها بين شعوب الارض جميعآ. انهما فنانين الشعب العراقي .الموسيقارين الاخوين صالح وداود الكويتي .

الفنانين العراقيين الكبيرين الموسيقارين صالح وداودالكويتي هما من عائلة يهودية عراقية يعتبرا من الموسيقيين المهمين وصاحبا الانجاز الفني الكبير من مؤسسي الاغنية العراقية في النصف الأول للقرن العشرين في تاريخ الاغنية العراقية. صالح الكويتي موسيقار عراقي كبير. تميز بالحانه الرائعة وموسيقاه. اشتهر في الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي بوضع الالحان الخالدة لمعظم مطربي ومطربات العراق في تلك الحقبة – امثال سليمة مراد وزكية جورج ومنيرة الهوزوز وسلطانة يوسف وبدرية أنور وجليلة ام سامي وعفيفة اسكندر وراوية ونرجس شوقي وزهور حسين  كما وضع الكثير من المقدمات واللزمات الموسيقية لداخل حسن وحضيري أبو عزيز.وغيرهم من مطربين ومطربات العراق.وهو اول فنان عراقي يدخل على الاغنية مقدمة موسيقية ومذهب كوبلية وقفلة فالجدير بالذكر انه هو اول من اوجد الاغنية العراقية التي وصلتنا اليوم بعد ان كان الفن الغنائي بالعراق يقتصر على المقام العراقي والبسته.

ولد صالح الكويتي في الكويت عام 1908 لعائلة عراقية من الطائفة اليهودية انتقلت من البصرة إلى الكويت في بداية القرن الماضي لغرض العمل وكسب العيش. ولقب الفنان العراقي بالكويتي من مصادفة ولادته في مدينة الكويت آنذاك، حيث كانت أسرته من يهود مدينة العمارة –ميسان في جنوب العراق وتتنقل إلى البصرة والكويت للمتاجرة باللؤلؤ مع الهند عن طريق الخليج العربي .وقد ابدى صالح وكذلك شقيقه داود الذي ولد عام 1910 شغفا بالموسيقى منذ صغرهما وتلقيا دروسا في العزف والغناء على يد الفنان الكويتي خالد البكر. في البداية تعلما الالحان الكويتية والبحرينية واليمانية والحجازية ثم تعرفا على الموسيقى العراقية والمصرية بالاستماع إلى الاسطوانات وحين تقدما في العزف والغناء اخذا يشتركان في احياء حفلات لدى المعارف والاقرباء والوجهاء في اقطار الخليج. كان صالح الكويتي ماهرا في العزف على الة الكمان واشتهر اخوة داود بالعزف على الة العود والغناء ، وفي عام 1927 رافقا المطرب الكويتي عبد اللطيف الكويتي إلى البصرة لتسجيل اسطوانات. وفي البصرة نال الاخوان الاعجاب والتقدير من مطربين عراقيين كبار ومن العاملين في حقل الموسيقى والغناء. كما استغلا وجودهما هناك لتوسيع مداركهما في تعلم اصول المقام العراقي وتفرعاته.

وفي عام 1929 قررا الانتقال نهائيا إلى بلدهم العراق وتحديدآ الى بغداد حيث عملا كعازفين في ملهى الهلال وهناك اقترحت المطربة العراقية المشهورة سليمة مراد على صالح الكويتي ان يحاول تلحين بعض الاغانى لها فاخذ قطعا شعرية من الشاعر الغنائي الكبيرعبد الكريم العلاف ولحن لها في فترة قصيرة اجمل الاغاني التي ضلت وستبقى في ذاكرة الاجيال. فقد لقيت هذه الاغاني اقبالا منقطع النظير من قبل الجمهورالعراقي والخليجي، الامر الذي شجع صالح الكويتي في اعطاء التلحين اهتمامه الاول. ففي عام 1932 كان لصالح وداود الكويتي لقاء فني هام مع موسيقار الاجيال الفنان الكبير محمد عبد الوهاب الذي زار بغداد لاحياء حفلات غنائية على مسرح حديقة المعرض انذاك حديقة الامة اليوم. وقد ابدى عبد الوهاب في حينهااعجابآ كبيرآ بالفنان صالح الكويتي والحانه فقد اهتم اهتماما خاصا بالالحان العراقية ونقلها من صالح الكويتي بالنوتة في لقاءاتهما الليلية، وخاصة مقام اللامي الذي أبتدعة الاستاذ الكبير محمد القبانجي وساهم في نشره صالح الكويتي بتلحينه العديد من الاغاني التي هي من مقام اللامي ولم يكن هذا المقام معروفا خارج العراق وقد استعمله عبد الوهاب فيما بعد في تلحين أغنيته الشهيرة ( يلي زرعتوا البرتقال) وتبعها( بأنا والعذاب وهواك ) والتي كانتا من مقام اللامي العراقي.

أم كلثوم وكلبك صخر جلمود

وفي عام 1932 زارت بغداد سيدة الغناء العربي ام كلثوم واعجبت باغنية (گلبك صخر جلمود) التي لحنها صالح الكويتي للمطربة سليمة مراد. وقد غنت ام كلثوم هذه الاغنية في حفلاتها بعد ان حفضاها الكويتي وسليمة مراد اللحن والكلمات. وكان قد شارك فرقتها العزف على الايقاع الفنان العراقي الكبير حسين عبد الله وذلك لصعوبة ميزان الاغنية وهو من وزن (الجورجينه الثقيل10على 16) وهو من الايقاعات العراقية الصعبة وهذه هي المرة الوحيدة التي غنت فيها ام كلثوم لملحن عراقي وغير مصري.والجدير بالذكر أنه في بداية الثلاثينيات من القرن المنصرم فتح داود وصالح بعد أن أتيا إلى بغداد مدرسة لتعليم الموسيقى كانت مقابل سوق الشورجة في شارع الرشيد، كان داود يدرّس العود وصالح يدرّس الكمان، ولكن هذه المدرسة لم تدم طويلاً لأن صالح أصبح على رأس فرقة الإذاعة العراقية فتركوا التدريس.

وحين أنشئت الاذاعة العراقية عام 1936 كلفت الحكومة العراقية انذاك الموسيقارصالح الكويتي  بتشكيل فرقة الاذاعة الموسيقية. وقد عملت هذه الفرقة برئاسته إلى ان استقال عام 1944وهو اول من شكل فرقة موسيقية عراقية للاذاعة في تاريخها. وقد استمر في تقديم برامج خاصة في الاذاعة بعد استقالته. وفي عام 1947 وضع صالح الكويتي الموسيقى التصويرية لاول فيلم سينمائي عراقي (عليا وعصام) حيث لحن جميع اغانيه التي ادتها بطلة الفيلم المطربة سليمة مراد. وفي عام 1951 وبحكم الظروف التي نشأت بسبب النزاع العربي الاسرائيلي رحل الشقيقان الكويتي كما رحل اليهود العراقيون من قبل الحكومة العراقية ترك الشقيقان صالح وداود الكويتي العراق ودموع الحسرة وخيبة الامل وهم يرحلون من بلادهم ووطنهم من غير رجعة وهم يودعون اهلهم واخوانهم واصدقاءهم ومكانتهم في المجتمع الفني والموسيقي العراقي فكان ذلك بالنسبة لهما نهاية حقبة حافلة بابداع فني غزير منحهما مكانة مرموقة في الاوساط الفنية العراقية الشعبية والرسمية على حد سواء .. ونجحت ألحانه لصوت زكية جورج وكان من أشهرها(آنه من اكول آه وتذكر أيامي واغنية الهجر موعاده غريبه) والتي لم تفارق لسانه بعد رحيله عن العراق كلما كان يختلي مع نفسه اويجلس جلسة سمر الدموع تسيل على خده متحسرآ على ايام شبابه في بغدادالتي طالما عشقها وعاش فيها اجمل ايام حياته وكلما استبد به الحنين إلى العراق من بين أكثر من 500 لحناً واغنية قدمها صالح وداود اخوان

ان الموسيقار العراقي صالح الكويتي يعتبر بمثابة الاب الروحي للاغنية البغدادية الحديثة وله انجازات موسيقية عظيمة اغنت المكتبة الصوتية العراقية بالدرر من الالحان الخالدة واذكرالبعض منها.(اغنية گلبك صخر جلمود..والهجرموعاده غريبه ..وهذا مو انصاف منك ..ويا نبعة الريحان وتاذيني ياولفي ليش تاذيني..وين رايح وين..و گلبي خلص والروح..وأنا من أكولن آه..و وشلون أصبر الروح..و يأم العبايه حلوه عباتج..و هوّه البلاني.. وآه يا سليمة.. وما حن عليّ..ومنك يا يالاسمر). والكثير الكثير من الاغاني الجميلة والتي زادت عن الخمس مئة اغنية واستطيع القول ان الموسيقار صالح الكويتي هو عراب الاغنية العراقية الحديثة ومؤسسها وهو صاحب النصيب الاكبر فيها.الا ان هذه الحقيقة ضلت مخفية لسنين طوال اثر سياسات الحكومات المتعاقبة على العراق.

 فقد قال عنهما المايسترو والموسيقارعبد الرزاق العزاوي..

ان( صالح وداودالكويتي يعتبران هم اول مؤسسين الاغنية العراقية الحديثة وعلى الرغم من انه بدأ في الثلاثينات الا انه يعتبر المؤسس واول من وضع الاسس والقواعد للاغنية العراقية. والذين جاءوا من بعده من الملحنين قد ساروا على نهجه ومدرسته في التلحين والصياغات اللحنية والايقاعية .فلقد كان أول من اسس الاغنية المأخوذة اساسا من المقام العراقي  وبذلك اسس مدرسة عراقية خالصة لم تتاثر باي موروث خارجي اودخيل).

   كما قال عنه الموسيقار فاروق هلال…

 ان (الاخوين العراقيين صالح وداود الكويتي.كانا كالاخوين رحباني بالنسبة للاغنية اللبنانية فهم اول من جسد المقام العراقي عن طريق البستة كاسلوب مستحدث لفهم المقام عند الاغلبية الجماهيرية بعد ان كان للممارسين والقلة من المتذوقين وهذا اعظم انجاز تحقق على يد الاخوين والدليل على ذلك ان اول الشواهد عن الغناء العراقي البستات التي عاشت كل هذه العقود من السنين وتصدح بعراقية خالصة فيها روح المجتمع بابهى صوره وتناغمه الفةً ومحبة  وشيمة وكبرياء وكرامه وكرم.ومن الامور الفنية المهمة انهم ابرزوا مقام اللامي بارتقاء لامثيل له وجددوا ملامحه بعلمية متقدمة ونموذج لذلك .يانبعة الريحان وغيرها) .

كماقال عنهم الناقد الموسيقي الاستاذ المرحوم عادل الهاشمي

(يمكن القول ان صالح الكويتي واخوه داود هما من اعظم الملحنين الذين انجبهم العراق في العصر الحديث. فأنهم اول من انشأ الاغنية العراقية الحديثة) . أما الفنان الكبير وخبير المقام العراقي الدكتورحسين إسماعيل الاعظمي قال في كتابه (المقام العراقي إلى اين )ان (الملاحظ في الاغاني التي لحنها صالح الكويتي تماسك البناء اللحني المستقى روحيا من الخزين التراثي المقامي واقتراب اللحن من التصوير المتقن لكلمات الاغنية ومعانيها. وفي سنة 2008 وعلى مسرح بروناي الكبير أحتضنت جامعة لندن مركز الدراسات الشرقية والافريقية احتفالية تضمنت محاضرات وعروضاً موسيقية  بمناسبة الذكرى المئوية على ولادة الفنان القدير صالح الكويت (1908)الذي ابدع اجمل الألحان و الاغاني العراقية  و التي خٌلدت في ذاكرة شعوب المنطقة (العراق ودول الخليج العربي كالكويت والبحرين وسوريا والاردن ومصر) .وقد عمل الفنان الكبير صالح الكويتي مع كبار الفنانين العراقيين والمصريين مثل محمد عبد الوهاب وأم كلثوم ، فلقدغنيت الحانه حناجر عمالقة الغناء العراقي لمعظم مطربي ومطربات تلك الحقبة امثال سليمة مراد وناظم الغزالي وزكية جورج ومنيرة الهوزوز وعفيفة اسكندر وزهور حسين) .

يقول عازف العود المنفرد الاستاذ احمد المختار استاذ الموسيقى في الجامعة والمشرف العام على الاحتفالية( تميزت عبقرية صالح الكويتي في النصف الاول من القرن العشرين وتلونت الحانه  لتنسجم مع اغلب اصوات المطربين النسائية و الرجالية مما يدل على قدرته التلحينية المتنوعة كان غزير الانتاج حيث قدم مئات الاغاني كما جاء على لسانه انه كان يعد اكثر من خمس اغاني في العام لكل مطرب على كثرتهم و نوعهم .وخلق أنماط جديدة في أغنيات المقام العراقي فأخرجه من انغلاقه ومزج بينه وبين أغنية المدنية تميز بالمودليشن اي التحول المقاماتي بالانسجام  والتنسيق ومع شقيقه داود). اما عن سرهجرة صالح وداود الكويتي ، هاجراإلى إسرائيل تحت ضغط شديد من زوجته وأسرتها عام  1951ولم يكن راغبا بترك العراق وعمله الفني آنذاك.لولا المضايقات التي حصلت ابان ترحيل اليهود من العراق قسرآ .بينما رفضت الفنانة سليمة مراد الهجرة إلى إسرائيل مع صالح واخوه داود وقالت لهم لمن أغني في إسرائيل . ان حياتي في العراق مع جمهوري. ولا حياة للفنان من غير جمهوره حتى لوكلفني ذلك حياتي .وان صالح وداود لم يتحدثا عن شهرتهما الفنية في الأوساط آنذاك، لكنهم كثيرا ما كانا يتحسرا على أيامهم في العراق، وكانا لم يفتقدا خصوصيتهما العراقية حتى آخر أيام حياتهم.فقد شكل الموسيقار العراقي صالح الكويتي مع شقيقه داود فرقة موسيقية عراقية قبل افتتاح دار الإذاعة العراقية في العام 1932 كانت تقيم الحفلات ومن ثم الفرقة الموسيقية الأولى في دار الإذاعة العراقية عند افتتاحها عام  .1936ففي لقاء لنجل الفنان صالح الكويتي شلومو ان والده الموسيقار العراقي صالح الكويتي اعرب عن عدم مشاركته مع الفنان محمد القبانجي في مؤتمر الموسيقى العربية الأول عام 1932 في القاهرة إلى مرضه إلا أن بعض أعضاء فرقته رافقوا القبانجي إلى المؤتمر. وأنه أول من درب الفنان العراقي جميل بشير على العزف على آله العود وذلك برغبة من والده الذي كان موسيقياً أيضا. حدث ذلك عند إقامة صالح الكويتي في مدينة الموصل عام 1931 لبضعة أشهر.وانه رغم السنوات التي عاشها بعيدآ عن العراق وإلى حين وفاته عام 1986 لم يتوقف عن التعبير عن خصوصيته العراقية، وفي كل الحوارات التي أجريت معه كان يقول انه خدم العراق بكل ما يملك من قدرات معتبرا ذلك من واجبه ومعبراً عن اعتزازه بتلحين أناشيد وطنية عن تتويج ملوك العراق وتقديم الحفلات في المناسبات الرسمية والدينية اليهودية والإسلامية.وأكد انه مازال يحتفظ بساعة ذهبية أهديت إلى والده من قبل الملك غازي مرسوم عليها شعار المملكة العراقية آنذاك.

وأشار نجل الكويتي أن والده تعرض للظلم في العراق وإسرائيل معا، فبعد هجرته عام 1951 تحت ضغط أسرة زوجته، لم يعد يذكر اسمه عند بث ألحانه في العراق وطالما حاول إرسال الحان جديدة للفنانة سليمة مراد عن طريق وسطاء في لندن الا انها لاتلاقي النور وعانى من الإهمال في الأمر الذي دفعه إلى فتح بقالة صغيرة مع شقيقه داود ليعيل به أسرتين.وسرعان ما تحول الدكان إلى مركز فني يزوره العراقيون اليهود للاتفاق على إحياء حفلات فنية للمناسبات كان داود يغني فيها.

وقال أن السلطات الإسرائيليه لم تتنبه إلى قيمة والده إلا متأخراعندما أجرت معه الإذاعة  مجموعة حوارات باللغة العربية سجلت معه في فترات مختلفة قبل وفاته عام 1986 وكان يستعرض فيها طبيعة الألحان العراقية وتجاربه مع الفنانين العراقيين . ويؤكد ان والده كان قد تعلم النوتة عند المرحوم حنا بطرس مدير موسيقى الشرطة آنذاك وتواصل في اكتشاف الأصوات الفنية النسائية كما هو الحال مع الفنانة الحلبية زكية جورج. وتكريمآ لذكرى والده وعمه. فقد أسمت السلطات أحدى الشوارع في عام 2008 بشارع الاخوين الكويتي في الذكرى المئوية لولادة صالح الكويتي. الأمر الذي أثأر نزعات من متطرفين يهود رافضين أطلاق الاسم مما دفع نجله شلومو إلى قيادة حملة إعلامية للتعريف بالقيمة الفنية لوالده وعمه

ويستذكراحد اليهود العراقيين من الذين رحلوا من العراق يقول :عندما خرجت من السجن في بغداد ورحلت مرغماً إلى إسرائيل سكنت عند أختي هناك والمكان الذي كانت تسكنه في أسرائيل كان بجوار سوق يشبه إلى حد كبير  سوق حنون في بغداد  في ذلك السوق يجد الزائر نفسه في سوق عراقية المأكولات والمشروبات وكل شيء. فأخذتني أختي إلى هناك وهناك أصابتني الدهشة والذهول فلقد رأيت داود الكويتي واقف في كشك صغير يبيع الأواني المعدنية  وهذا الكشك كان بالشراكة مع أخيه صالح  وكان حينها يتعامل مع أمرأة حول ثمن قدر وحول قرش زائد أو قرش نازل عندها فاضت عيوني بالدموع قلت فهل من المعقول أن يصل هذان العملاقان في عالم الموسيقى إلى هذا الحد.

توفي داود الكويتي عام1976 اما صالح الكويتي فقد توفي عام 1986 في (فلسطين المحتلة) (إسرائيل) .وبقيت اغانيهم والحانهم يرددها العراقيون والعرب وقد وصلت الى جميع انحاء الارض فاصبحت ركيزة من ركائز تاريخ الاغنية العراقية الحديثة.

توفيا هذان الصرحان العراقيان الكبيران والحسرات تملأ قلبيهما حباً وشوقاً للعراق ، فكان صالح الكويتي قد عاش في حزن عميق فكان يستاء حين لايذكراسمه عندما تعرض أغنياته من اذاعة بغداد وتلفزيونه وانما كانت تنسب الى التراث او الفولكور العراقي القديم وهذه الماساة والمعاناة يعانيها الفنان العراقي حتى يومنا هذا فمعظمهم يشكو من حالة النسيان والنكران التي يتلقوها من جميع الانظمة الحاكمة للعراق وتجاهلهم لاسم الملحن عند بث الاغنية لسبب كان سياسي اوطائفي. وكم من الاغنيات التي لحنها حتى من هم لايزالون على قيد الحياة ولا تذكر اسماؤهم في المحطات الاذاعيه اوالتلفزيونيه ، لقد عانى صالح الكويتي في غربته أشد المعاناه وهو يستمع لآغنياته من أذاعة بغداد دون ان يذكر أسمه فيهزه الشوق ويدمي قلبه الحنين لوطنه العراق بل كان اسمه لا يذكر حتى عندما تنوط أغنياته حيث يمنع من ذكر أو كتابة إسمه وهو الذي لحن اغاني تتغنى ببلده ويتغنى بها عموم الشعب العراقي حتى يومنا هذا.ربما يتساءل ويتساءل مع الجميع لماذا هذه القسوة والى اين يصل بنا الحقد والى متى يدوم الظلم . ايعقل ان من حكم العراق ان يكون لابنائه هذا المصير. لقد قراءة الكثير في تاريخك العراق الطويل ورأيت العجب تلو العجب فيه يكرم تاريخه من اساء اليه ويظلم من خدمك وقدم اليه كل شيء.

 فكم من مبدع مظلوم فيك تناساه التاريخ وجار عليه زمانك بكل قسوة فكل من ياتي لحكم العراق يطول الابداع والمبدعين بالقسوة وكانهم خصوم مجرمة كما هو اليوم حال مبدعينا وعلمائنا محاربين ومطاردين ومهمشين يجوبون بقاع الارض بحثآ عن الامن والامان. فلا اذكر يوما انكم كرمتم ابناءكم المخلصين ونصفتموهم. رحم الله العراقيان الاخوين صالح وداود الكويتي برحمته الواسعة هذان النخلتان العراقيتان اللتان تركتا لنا ارثآ فنيآ غنيآ ورفيعآ كان ولايزال يتغنى به الاجيال .سلامآ لكم ايها الاوفياء الذين عاشوا وماتوا بحب العراق واهله وان جار عليهما الوطن والزمان الذين هم من ابنائه المظلومين . سلامآ لكما ابني العراق ابناء دجلة والفرات يامن شربتم منهما وارتويتم بمائهم العذب فعرفتم بهما طعم الوفاء وكيف تزرعون الحب.اليوم نقول لكما سامحونا ولاسامح الله من كانوالكم ظالمين. فها نحن نكرمكم اليوم ونعيد اليكم حقوقكم الادبية التي سلبت منكم ظلمآ وجورآ .فانتما ابنا العراق الاوفياء..