عقدت جمعية البنوك في الأردن، لقاءً حواريا، للحديث ضمن الإيجاز الربعي الثاني لعام 2024، حول رفع التصنيف الائتماني للأردن من قبل وكالة موديز إلى Ba3 بنظرة مستقبلية مستقرة، بحضور وزير المالية، محمد العسعس، ومحافظ البنك المركزي عادل شركس، إضافة إلى عدد من القيادات المصرفية والاقتصادية.

وبحسب بيان صحفي صادر عن الجمعية الخميس، قال وزير المالية، محمد العسعس، إن "هذا الإنجاز هو نتيجة تراكمية للجهود المبذولة من قبل جميع الجهات المعنية، والتي تضمنت مؤسسات وطنية واقتصادية رائدة".

وأضاف: "نحن هنا اليوم لنحتفل بإنجاز لم يكن ليتحقق لولا التعاون الوثيق بين كافة الأطراف، فرفع التصنيف الائتماني للأردن يأتي في وقت تعاني فيه دول أخرى من خفض تصنيفاتها، أو تحارب من أجل الحفاظ على ثباتها، خاصة بعد الهزات الاقتصادية الهائلة التي شهدها العالم بسبب جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية."

وتطرق العسعس إلى التحديات التي واجهها الاقتصاد الأردني في ظل الأزمات العالمية، مثل التضخم وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، وكذلك الاضطرابات الإقليمية في غزة.

وأكد أن هذه العوامل "لم تمنع الأردن من تحقيق هذا الإنجاز، بل زادته عزيمة وإصرارًا على تحسين أوضاعه الاقتصادية".

وأوضح العسعس أن "رفع التصنيف يعكس الثقة العالمية في الاقتصاد الأردني، ويعزز جاذبية المملكة للاستثمارات الأجنبية، ويساعد الحكومة في الوصول الى الأسواق العالمية والحصول على مميزات ائتمانية مستقبلاً ويعزز من فرص النمو الاقتصادي".

وأشار إلى أن "وكالة موديز استندت في تقييمها إلى مجموعة من المعايير، من بينها قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية، وتنافسية الاقتصاد، وفاعلية السياسات الحكومية".

وأكد أن "هذا التحسن في التصنيف ليس مجرد إنجاز حكومي، بل هو نتاج عمل جماعي يضم جميع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، خصوصا القطاع المصرفي".

وفي سياق حديثه، أشار العسعس إلى أهمية الاستمرار في عمليات الإصلاح الاقتصادي التي تعززها نتائج مراجعات صندوق النقد الدولي.

كما أشار إلى أن تكاتف الجهود ركزت على التعامل مع عناصر التقييم والاستعداد لها من خلال التواصل مع المستثمرين الحاملين للسندات الأردنية وفهم طبيعة السوق وخصائصه؛ توضيح آثار المستجدات الاقتصادية لمؤسسات التقييم بشكل يساعدهم إدراك محدودية آثار الظروف الإقليمية على الاقتصاد الأردني؛ بسبب منعة الاقتصاد وتحديد عوامل التأثير لهم وآلية الاستجابة لها مما انعكس في ثقتهم في استجابة الحكومة وتعاملها مع المستجدات، بالإضافة إلى التعاون الحثيث مع المؤسسات الدولية وخصوصا صندوق النقد الدولي في تنفيذ الإصلاحات المالية واستخدام سياسات حصيفة، وهو ما يساهم في تعزيز مستوى التقييم ومعالجة نقاط الضعف.

وقال: "هذا التحسن لم يكن ليتحقق لولا الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة الأردنية ومختلف المؤسسات الوطنية، سواء كانت خاصة أو عامة، للحفاظ على المكتسبات الوطنية وتعزيزها".

كما أكد العسعس على دور رؤية التحديث الاقتصادي الوطنية التي ساهمت في توحيد الجهود ووضع إطار شامل لبناء مستقبل أفضل.

وأضاف أن هذه الرؤية كانت لها دور كبير في تحقيق هذا الإنجاز، مشيرًا إلى أن العمل الجماعي والمثابرة هما مفتاح النجاح.

وأشار العسعس إلى الجهود الحكومية المشتركة مع البنك المركزي في التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتجديد البرنامج السابق، موضحًا أن الأردن تمكن من إنهاء ست مراجعات بنجاح، بينما لم تتمكن دول أخرى من إتمام، ولو مراجعة واحدة بسبب الظروف العالمية.

وفي رده على سؤال، حول أن رفع التصنيف يرفع شهية الحكومة لمزيد من الاقتراض، شدد الوزير العسعس أن الاقتراض يخضع لقانون الدين، ولا يجوز اقتراض أي فلس إضافي دون الخضوع للقانون الذي يضع سقفا للمديونية.

بدوره، أكد محافظ البنك المركزي عادل الشركس على أن قيام وكالة موديز برفع التصنيف الائتماني للأردن من B1 إلى Ba3 مع نظرة مُستقبلية مستقرة، يأتي كثمرة نجاح توكد سلامة نهج السياسات الاقتصادية المُطبقة في الأردن، التي عززت من منعة الاقتصاد وقدرته على الصمود في وجه التحديات. مؤكداً على أن هذا الإنجاز تزداد قيمته مع توقيت تحقيقه، الذي يأتي في ظل حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي بسبب استمرار تداعيات الحرب في غزة. مُشيراً إلى أن هذا الإنجاز ما كان ليأتي لولا تضافر الجهود الكبيرة التي قامت بها الحكومة والبنك المركزي.

وقدم الشركس شرحاً مفصلاً لآلية التقييم التي تقوم بها وكالة موديز، مشيراً إلى أن الوكالة تعتمد في تصنيفها على التحليل النوعي، الذي يركز على الجوانب والانطباعات والتوقعات، والتحليل الكمي، المستند إلى أربعة عوامل قابلة للقياس، ومن ثم دمج التحليلين معاً للوصول إلى التقييم النهائي، منوهاً إلى أن الأردن حصل في بعض هذه المؤشرات على تقييم أعلى من التقييم العام، خصوصاً ما يتعلق بمؤشرات ديناميكيات النمو وحجم الاقتصاد والدخل الوطني، إلى جانب فعالية السياسات المالية والنقدية والاقتصادية الكلية.

وأشار الشركس إلى وجود ثلاثة عوامل رئيسية كنقاط قوة رفعت من تقييم وكالة Moody's للمملكة، تمثلت في امتلاك المملكة لمؤسسات قوية وموثوقة وفعالة تتمتع بالتزام قوي في تنفيذ الإصلاحات، وحصول المملكة على دعم مالي دولي قوي، إلى جانب وجود مدخرات محلية كبيرة والقدرة على الاستفادة منها.

واستعرض الشركس التطور التاريخي للتصنيف الائتماني للأردن، من قبل وكالة موديز، مبيناً أن التقييم الحالي هو الأعلى منذ 21 عاماً، وبما يعكس الجهود الحثيثة التي بذلتها الحكومة الأردنية لتعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار الداخلي والخارجي، والإصلاحات الاقتصادية التي تم إنجازها بشكل فعال من قبل الحكومة.

وعلى صعيد السياسة النقدية، قال الشركس، إن مؤسسات التصنيف الائتماني تنظر للسياسة النقدية كعامل ثقة واستقرار للاقتصاد، وشرط مُسبق للنمو والتنمية، وعامل هام ينعكس تأثيره على أداء مُجمل المؤشرات الاقتصادية الأخرى، مُشيراً إلى أن السياسة النقدية للبنك المركزي نجحت على مدى أكثر من عقدين في الحفاظ على الاستقرار النقدي، رغم كل التحديات التي تعرض لها الأردن والمنطقة خلال هذه الفترة، وتمكنت من الاستجابة بمرونة واستباقية للتحديات التي واجهناها خلال الأعوام الماضية كتداعيات جائحة كورونا، وضغوط تضخمية التي أعقبت تداعيات الجائحة، مؤكداً على أن هذه الاستجابة مدعومة باستقلالية عالية للبنك المركزي في تنفيذ سياسته النقدية، كانت من بين العوامل الهامة التي ركز عليها تقييم وكالة موديز في رفع تصنيفها الائتماني للأردن.

وحول أداء المؤشرات النقدية، أشار الشركس إلى المؤشرات النقدية اليوم تظهر بوضوح نجاعة السياسة النقدية للبنك المركزي في التعامل مع الضغوط التضخمية وما رافقها من سياسات نقدية مُتشددة عالمياً خلال العاميين الماضيين، والتي من أبرزها الاتجاه المُستمر للانخفاض في معدل الدولرة، والذي يُعد مؤشراً على الثقة بالعملة المحلية، ليصل إلى 18.0% في نهاية شهر آذار 2024، قياساً بمستويات فاقت 20% قبل تداعيات الجائحة في عام 2020، إلى جانب التنامي الملحوظ في الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي، والتي تبلغ حالياً نحو 19مليار دولار، تغطي 8.2 شهراً من مستوردات المملكة من السلع والخدمات.

وأكد شركس على أن النجاح في إدارة الموجة التضخمية خلال العامين الماضيين عبر التكامل بين قرارات السياسة النقدية للبنك المركزي مع الإجراءات الحكومية المُتعددة على هذا الصعيد، ساهم في دعم رفع التصنيف الائتماني للمملكة، إذ بقي معدل التضخم ضمن حدود معقولة بلغت 1.6% خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الحالي، قياساً بمعدل بلغ 4.2% في ذروة الموجة التضخمية خلال عام 2022.

وبين الشركس أن السياسة المصرفية الحصيفة التي يطبقها البنك المركزي وفق أفضل الممارسات الدولية، والالتزام الكبير من قبل البنوك بتنفيذ قرارات وتوجيهات البنك المركزي، خاصة ما يتعلق بفعالية السياسات الاحترازية الكلية والجزئية، كان له دور كبير في تحقيق هذا الإنجاز، ودفع اتجاه قيام وكالة موديز ايضاً برفع تصنيف الودائع طويلة الأجل لأربعة بنوك أردنية من نظرة مستقرة إلى إيجابية، مؤكداً على أن الجاهز المصرفي في الأردن يتمتع بأعلى درجات الثقة، والتي نالها نتيجة المرونة التي يتمتع بها وقدرته على مواجهة الصدمات وفق ما تُبينه مؤشرات المتانة المالية، واختبارات الأوضاع الضاغطة التي يُجريها البنك المركزي.

وأكد شركس على أن الاقتصاد الوطني أظهر مرونة واضحة على الرغم من التحديات الاخيرة، إذ سجل نمواً بنسبة 2.9% بالمتوسط، خلال الأعوام الثلاثة الاخيرة، وهو ما سينعكس، بكل تأكيد، بإيجابية على التوقعات الاقتصادية لعام 2024 وايضاً على المدى المتوسط. مشيراً إلى توقعات البنك المركزي تُشير إلى تسجيل نمو اقتصادي بنسبة 2.4% للعام الحالي، مقارنة مع 2.6% في عام 2023، وهو معدل نمو جيد في ظل حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي التي تشهده المنقطة والتي انعكست على أداء مؤشرات القطاع الخارجي، لا سيما الدخل السياحي، مُشيراً إلى أن الاقتصاد الوطني يمتلك خارطة طريق للتعامل مع التحديات القائمة عبر البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، ورؤية واضحة للاقتصاد عبر رؤية التحديث الاقتصادي، مما يضع الأردن على مسار النمو التصاعدي.

وبدوره، أكد رئيس مجلس إدارة جمعية البنوك في الأردن، باسم خليل السالم، أهمية قيام وكالة موديز للتصنيف الائتماني برفع التصنيف الائتماني للمملكة، وهي المرة الأولى التي ترفع فيها وكالة موديز تصنيف الأردن بعد ثباته لمدة 21 عامًا.

وفي كلمته، أعرب السالم عن سعادته وفخره برفع التصنيف، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تأتي في وقت تجتاح فيه المنطقة أزمات اقتصادية وتطورات سلبية على المستوى العالمي.

وأكد أن رفع التصنيف يعكس الثقة العالية في الاقتصاد الوطني والمالية العامة، كما يعزز من جاذبية الأردن للاستثمارات الأجنبية، ويعطي إشارات إيجابية للأسواق العالمية والمؤسسات الدولية والمستثمرين والجهات المانحة.

وأوضح السالم أن وكالة موديز استندت في تقييمها إلى مجموعة من المعايير، مثل قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية، ومستويات الدين العام، وتنافسية الاقتصاد، وفاعلية السياسات الحكومية، ومدى تأثير المخاطر السلبية.

وأضاف أن هذه الخطوة تؤكد أن الأردن يتمتع بأمن واستقرار قويين، مما مكنه من تجاوز مختلف الظروف الصعبة والصدمات السابقة بحكمة واقتدار، مدعومًا بمؤسسات قوية وسياسات حصيفة.

وتطرق السالم إلى أهمية الاستمرار في عمليات الإصلاح التي تعززها نتائج مراجعات صندوق النقد الدولي، مشيرًا إلى أن التحسن الذي تحقق لم يكن ليحدث لولا الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة الأردنية ومختلف المؤسسات الوطنية، سواء الخاصة أو العامة، للحفاظ على المكتسبات الوطنية وتعزيزها.

وأشاد بالجهود المشتركة التي بذلتها مختلف القطاعات لتحقيق هذا الإنجاز، مؤكداً أن رفع التصنيف سيساهم في تعزيز ثقة المستثمرين بالاقتصاد الأردني وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي.

كما أشاد السالم بالقطاع المصرفي مباركا للبنوك التي رفعُ تصنيفها من قبلِ وكالةِ موديز قبلَ يومين، وهي البنك العربي وبنك الإسكان وكابيتال بنك، والذي جاءِ كنتيجةٍ مباشرةٍ لرفعٍ التصنيفِ الائتمانِّي للمملكة.

كما أشار إلى أن الحكومة ستواصل العمل على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية للحفاظ على الاستقرار المالي وتحقيق نمو مستدام.

وأعرب عن تفاؤله بمستقبل الاقتصاد الأردني في ظل هذا التحسن في التصنيف الائتماني، مشيراً إلى أن هذا الرفع سيعزز من قدرة الأردن على الوصول إلى الأسواق المالية الدولية بشروط أفضل، ما يساهم في خفض تكاليف التمويل ودعم المشاريع التنموية في البلاد.

وشدد مدير عام جمعية البنوك، ماهر المحروق، على ان رفع التصنيف الائتماني للأردن، اعتمد على مجموعة من المعايير الرئيسية التي شملت القدرة على السداد، وأداء الاقتصاد الوطني، السياسات الحكومية، ومستوى الديون ومصادر التمويل، إضافة إلى التنافسية الاقتصادية والمخاطر الجيوسياسية والاقتصادية.

وذكر المحروق أن تقرير التصنيف الائتماني أشار إلى عدة عوامل مبررة لرفع التصنيف الائتماني للأردن، منها السجل الطويل للإدارة الفعالة للاقتصاد الكلي، التدابير المالية العامة، وتدابير تخفيف المخاطر.

ونوه بان تقرير الوكالة أثنى على السياسات الاستباقية الفعالة التي تم تبنيها خلال جائحة كورونا، وتدفق السلع وأسعار الطاقة نتيجة للحرب الروسية-الأوكرانية، وسياسات التشديد النقدي العالمي.

وأكد المحروق أن ممارسات المملكة في تعزيز المرونة لمواجهة الصراع في المنطقة، إضافة إلى التأثير المحدود للتطورات الجيوسياسية في المنطقة، كانت من العوامل المهمة التي ساهمت في هذا الرفع.

وأشار إلى وجود مؤسسات قوية لصنع السياسات الاقتصادية الكلية والمالية، والدعم المالي والفني الدولي القوي من مجموعة واسعة من شركاء التنمية، فضلاً عن القدرة الفعالة على الوصول إلى الأسواق المحلية.

وأضاف المحروق: "في الوقت نفسه، لا يمكننا أن نتجاهل التحديات التي أشار إليها التقرير والتي تواجه الأردن، منها ارتفاع مستويات الديون، والقيود الهيكلية التي تساهم في نمو منخفض، وارتفاع معدلات البطالة، والضغوط الاجتماعية، إضافة إلى البيئة الجيوسياسية والإقليمية المتقلبة".

المملكة